نمط التنافس بين المجموعات وأسلوب عرض المهمة ببيئة محفزات ألعاب رقمية وأثره في تنمية المفاهيم العلمية والمشاركة الأكاديمية لتلاميذ الحلقة الإعدادية.

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة

المستخلص

مستخلص:
أصبح التطور السريع والتدفق المعرفي الهائل من أهم سمات العصر الذي نعيش فيه، الأمر الذي يحتم علينا التعامل مع هذا التقدم للاستفادة من منجزاته في العملية التعليمية، وبخاصة فيما يتعلق بمجال التقنيات؛ حيث أصبحت التقنيات بأشكالها المختلفة مطلبًا أساسيًا من مطالب العصر، وبالتحديد في مجال التعليم، وذلك للاستفادة منها وتوظيفها بشكل يخدم العملية التعليمية ويحقق أهدافها، ويلبى الاحتياجات المتزايدة للتعليم.
 أمام هذا التطور التقني الكبير، والتقدم التكنولوجي الجديد، أصبح من الضروري استخدام أساليب واستراتيجيات وتقنيات تعليمية جديدة وممتعة تثير نشاط المتعلمين، وتحفزهم على المشاركة، وتعزز خبراتهم التعليمية، وتلائم احتياجاتهم، وتزيد من دافعيتهم للتعلم وانجاز مهماتهم التعليمية بصورة أفضل.
 ومن المداخل والاتجاهات التكنولوجية الحديثة التي يمكن أخذها في الاعتبار، محفزات الألعاب الرقمية Gamification، والتي تتمركز حول المتعلم، لتحفيزه على التعلم باستخدام عناصر الألعاب، بغرض تحقيق أقصى درجة من المتعة، والإثارة، والتشويق، ومواصلة التعلم بشكل إيجابي، وتشجيعه على زيادة المشاركة في أداء المهام التعليمية، ولضمان جذبه نحو مواصلة التعلم بنفس الرغبة، والدافعية.
 ويقصد بمحفزات الألعاب الرقمية استخدام عناصر وميكانيكا الألعاب في سياقات غير الألعاب، فهي تمثل إطارًا تحفيزيًا تستخدم فيه عناصر اللعبة التقليدية وتقنيات تصميمها في سياقات متنوعة لا علاقة لها باللعب، ويتم ذلك لتحقيق أهداف متنوعة تتجاوز ما تقدمه اللعبة بحد ذاتها (Šćepanović, Žarić, & Matijević, 2015, p. 1) *
كما يقصد بها إدماج عدد من عناصر الألعاب ومبادئها في المهام والأنشطة التربوية من أجل الوصول إلى هدف تعليمي، أو تحقيق كفاية خاصة (Urh. Vukovic, Jereb,& Pintar, p. 391; Kapp, 2013, P. 125; Deterding, Khaled, & Nacke, 2011, p. 9).
ويعد التنافس من أهم المتغيرات التي تؤثر في فاعلية محفزات الألعاب الرقمية لكونه أحد ميكانيكيات أو آليات محفزات الألعاب الرقمية، وعنصر متأصلًا من عناصر تصميم اللعب (Fonseca Mendez, 2019, p. 15)، ومصدر للتحدي، والذي يعمل على دفع المتعلم نحو التعلم، وزيادة حماسه، واستثاره دافعيته وتحفيزه على بذل مزيد من الجهد نحو التنافس مع ذاته أو أقرانه وفقًا لقواعد معينة، لتخطى مستويات التعلم المتصاعدة داخل المحتوى الإلكتروني (Liu, Li, & Santhanam,2013, p. 113).
كما يعد التنافس القوة الدافعة وراء نجاح محفزات الألعاب الرقمية، وجزء أساسي في أي لعبة، حيث توجد مجموعة من التحديات التي تستخدم للتنافس بين المتعلمين، والتي من خلالها يكتسب المتعلم النقاط، ويحصل على الشارات، ويقارن نفسه بأقرانه من خلال لوحة المتصدرين كأحد عناصر محفزات الألعاب الرقمية (Nebel, Beege, Schneider, & Rey, 2020, p. 2; Schöbel, Söllner, & Leimeister, 2016, p. 5; Kapp, 2013, p. 18 ; Liu, Li & Santhanam, 2013, p. 6)، والتي من شأنها زيادة المنافسة بين المتعلمين، حيث إنها تعمل على استثارة الطبيعة التنافسية للمتعلمين، والدفع بهم نحو العمل على تطوير مستواهم؛ وتعزيز دافعيتهم للإنجاز، والتعلم، والتنافس فيما بينهم داخل البيئة التعليمية (Landers, Bauer & Callan, 2017, p. 509 ; Jia, Liu, Yu, & Voida, 2017, p. 1) .
 وقد أكد كلًا من بايبر (piper, 2014)؛ وفاندكيرسى، فانديويتر، كورنيلي، وكلاريبوت (Vandercruysse, Vandewaetere, Cornillie, & Clarebout, 2013, p. 929) على إن استخدام التنافس في بيئات التعلم يعد وسيلة فعالة لإحراز التقدم المطلوب في ضوء ما تمنحه للمتعلمين من ثقة ورغبة في إنجاز المهام بسرعة، والارتقاء بمستوى الأداء.
وبناءً عليه ترى الباحثة أن التنافس قد يتأثر بشكل كبير بالمهام باعتبارها أحد مكونات محفزات الألعاب الرقمية، وأسلوب عرضها، حيث أنه يتم في ضوء مجموعة من المهام التي يتنافس عليها المتعلمون لاحتلال مركز الصدارة.
وتعرف المهمة بأنها: خطة عمل تتطلب من المتعلمين معالجتها بطريقة عملية من أجل تحقيق نتيجة يمكن تقييمها (Ibrahim, 2013, p. 19)، كما تعرف بأنها: العمل الذي يصمم لتحقيق أهداف المحتوى التعليمي الذي يُدرس، والذي في ضوئه يحتاج المتعلم إلى القيام بمجموعة من المهام الفرعية لإنجاز المهمة الأساسية؛ مما يؤدى إلى الحصول على النقاط، أو الشارات، أو ترتيب أعلى في لوحة المتصدرين، وغيرها من عناصر المحفزات (Werbach, & Hunter, 2012, p. 55).
كما يقصد بالمهمة، نشاط محدد يتطلب عدة إجراءات وخطوات لتنفيذه بصورة صحيحة (Naznean, 2007, p. 749)، أو هي عبارة عن مجموعة من الأنشطة، أو الأسئلة يتم تحديدها للمتعلمين لتوفير بيئة تعليمية محفزة على التعلم (Gichobi, 2008, p. 8)، أو تكليفات، وواجبات يكلف بها المتعلمين ليقوموا بتنفيذها وتتطلب بذل جهد عقلي (مجدي إبراهيم، 2009، ص 1037)، أو تحدى يحاول المتعلم اجتيازه للوصول إلى هدف محدد، والحصول على المكافأة (Wood, &Reiners, 2015, p. 5).
وقد تعرض المهمة إما بصورة كاملة لتحقيق الهدف الأساسي منها، أو بصورة مجزأة في شكل مهام فرعية لتحقيق هدف المهمة الأكبر، ويتطلب أداء هذه المهام من المتعلمين بذل مزيد من الجهد للاستمرار في عملية التعلم، والوصول إلى الهدف المنشود (Haskell, 2013, p. 3).
وقد تناولت العديد من الدراسات المهام في بيئات التعلم، منها: دراسة كلًا من بارديل، باباديما سوفوكليوس، وأثاناسيو Pardoel, Papadima-Sophocleous, & Athanasiou (2018)، والتي توصلت نتائجها أن المهام التعليمية تساعد على شعور المتعلمين بالمتعة، وقد أوصت تلك الدراسات بأن تكون مدة المهمة قصيرة حتى لا يشعر المتعلمين بالملل، أو يكون لها تأثير سلبي على تجربة المتعلم، كما أشارت أن مدة المهمة هي عامل حاسم لخوض تجربة تعليمية إيجابية، وجعل المتعلمون أكثر تحديًا.
 وهناك دراسة هاسكيلHaskell (2013)، والتي أوضحت أن عنصر المهمة قد ساعد في الحفاظ على دوافع المتعلمين وتوجيههم، كما ساعدت عناصر المحفزات على تحفيز المتعلمين للقيام بالمهام، وتأديتها بشكل أفضل.
وتمثل المفاهيم العلمية هدفًا مهمًا من أهداف تدريس العلوم في جميع مراحل التعليم المختلفة، والتي يسعى العاملون بالتربية لتحقيقها، لكونها تحتل مكانًا بارزًا في سلم العلم وهيكله، كما إنها تشكل القاعدة الضرورية للسلوك المعرفي عند المتعلم، كما تعد جزءًا أساسيًا من أجزاء المعرفة الإنسانية (عبد الرحمن عدس، ويوسف قطامى، 2008، ص120).
وتشير المفاهيم العلمية إلى الصورة العقلية لمجموعة من الأشياء، أو الأحداث، التي بينها خصائص عامة مشتركة، أو فكرة يكتسبها المتعلم على شكل رموز (السعيد عثمان، 2020، ص 81).
 وتؤدى المفاهيم دورًا مهمًا في فهم طبيعة العلم، والتعرف على العالم المحيط، والتعامل معه بشكل سليم، وتنظيم العقل، وتيسير التعلم، كما تزيد من قدرة المتعلم على فهم وتفسير الكثير من الظواهر الطبيعية والبيولوجية et al., 2021, p. 13)     (Kalogiannakis,وتسهم في حل وفهم المشكلات التي تعترض المتعلم في حياته اليومية، وتعمل على ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات السابقة في البنية المعرفية للمتعلم، كما إنها ضرورية لجميع أنواع التفكير (العلمي، والإبداعي، والناقد)، فإذا كانت الحقائق العلمية هي وحدة بناء المعرفة، فإن المفاهيم العلمية هي أساس التفكير (عايش زيتون، 2017، ص87).
ونظرًا لطبيعة مناهج العلوم في جميع المستويات التعليمية، والتي تتطلب ممارسة المهام والأنشطة والتجارب للتوصل إلى نتائج علمية موضوعية؛ أصبح من الضروري توافر بيئة تعلم نشطة يقوم فيها المتعلم بالدور الإيجابي أثناء عملية التعلم من خلال ما يقوم به من مهام وأنشطة عملية، أو عقلية، يمكن إدراكها وملاحظتها، أو مهام وأنشطة كامنة تتطلب من المتعلمين الاندماج عقليًا من خلال مهام التفكير، والاستدعاء، والاستماع التي تتم بشكل فردى، أو زوجي، أو جماعي (ضيف الله المروانى، 2017، ص 25؛ وصالح صالح، 2007، ص 2).
وترى الباحثة مما سبق أن محفزات الألعاب الرقمية من التقنيات التكنولوجية التي تحفز المتعلمين على القيام بالمهام التعليمية، وتجذب انتباههم، وربما قد تساعدهم على رفع مستواهم العلمي، بما يسهم في تنمية المفاهيم العلمية، وتحولها من مفاهيم مجردة إلى مفاهيم محسوسة يعيها ويفهمها المتعلمين جيدًا، وبما يسهم في إزالة التشابك بين المفاهيم المختلفة؛ وتنميتها لديهم بشكل جيد، كما إنها قد تمثل إطارا مهما لتدعيم التنافس، وأداة فعالة لتحسين المشاركة الأكاديمية لدى المتعلمين.